اكتشف العلماء، خلال مراقبتهم للعمليات الجارية داخل كوكب الأرض باستخدام علامات خارجية غير مباشرة، سلوكا جديدا مثيرا للاهتمام.
وتبين الرسوم المتحركة بوضوح ظاهرة تسمى الحركة القطبية، التي تشير إلى إزاحة محور دوران الأرض بالنسبة للمحور “الجغرافي”. ويمثل المحور”الجغرافي” في الواقع موضع محور الدوران في عام 1900. ومن خلال مقارنة الوضع الحالي بهذا الخط الشرطي، يلاحظ العلماء هذه العملية. وأكثر من ذلك، اعتمادا على طبيعة هذه الحركة القطبية، يمكنهم تقييم ما يحدث داخل الكوكب، بما في ذلك سلوك النواة.
وهناك مؤشر آخر مثير للاهتمام: تسجل الساعات الذرية طول اليوم أدنى التغييرات في باطن الأرض. وتوصل الجيولوجيون إلى نتيجة مفادها أن هذه التغيرات ناجمة عن سلوك نواة الأرض. فمثلا، وجدوا أن اتجاه دوران النواة يتغير بانتظام تقريبا (كل ست سنوات). أي إذا كانت تدور في اتجاه عقارب الساعة، تتباطأ أولا، وفي مرحلة ما تتوقف تماما، ثم تبدأ تدور في الاتجاه المعاكس. لذلك، عندما “تتباطأ” النواة، ينعكس ذلك على طول اليوم.
والنواة الداخلية، أي لب الكوكب، هي، كما أثبت الجيولوجيون، كرة حديدية صلبة أكبر قليلا من حجم كوكب بلوتو – يبلغ قطرها 2450 كيلومترا. أما قطر بلوتو فيبلغ 2376 كيلومترا. هذه الكرة الصلبة محاطة بطبقة سائلة – اللب الخارجي، يليه الوشاح وأخيرا القشرة الأرضية.
وقبل بضع سنوات، جمع الباحثون بيانات تفصيلية عن الحركة القطبية وطول اليوم، من عام 1900 إلى يومنا هذا، واكتشفوا تقلبا غير معروف سابقا بفترة تبلغ حوالي ثماني سنوات ونصف. وهم يعتقدون أن هذا لا يرتبط، مثلا، بتأثير المحيط العالمي أو العمليات الجوية، بل ناتج بالتحديد عن سلوك لب الأرض الصلب. وهذا السلوك، وفقا لهم، يكمن في أن المحور يمشي ويتأرجح، الذي يمكن، للتوضيح، أن يسمى محور التوازن، الذي هو محور معين من التناظر، حوله كتلة متناظرة من جميع الجوانب. وهذا يعني أن هذا الحديد الداخلي الموجود في الأرض ليس متجانسا تماما، لسبب ما كثافة أحد الجانبين أعلى قليلا من كثافة الجانب الآخر. وعندما يتحرك الجانب الأكثر كثافة أثناء دوران النواة، ينزاح محور التوازن.
وبعد ذلك واصل العلماء تحليل هذا الاهتزاز وتوصلوا الآن إلى استنتاج مفاده أن اللب نفسه يميل قليلا بالنسبة لكل شيء آخر. ويعتقد الجيولوجيون أن محور دوران الأرض بأكمله ومحور دوران أجزائه الفردية ليسوا على نفس الخط على الإطلاق. إنهم يميلون نحو بعضهم البعض. وبين محور اللب الداخلي ومحور الوشاح الأرضي يوجد انحراف قدره 0.17 درجة. يؤكد الباحثون في مجال باطن الأرض، أن هذه الميزات التي تبدو غير مهمة يمكن أن تلعب دورا في كيفية تصرف كوكب الأرض بأكمله وكيف يخلق غلافا مغناطيسيا وقائيا حول نفسه.