اشارت الاحصاءات أن حوالى 13,4 مليون طفل يعملون في المنطقة العربية وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن المنطقة العربية تعاني من مشكلة كبيرة تهدد حياة ملايين الاطفال يمارسون اعمالا شاقة تحرمها الاتفاقيات الدولية. والذي يزيد من الصعوبة في حل هذه المشكلة هو تعدد أسبابها وارتباطها بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والخاصة لكل من الدول العربية التسع والتي اعترفت بوجود عمالة أطفال لديها ومن ضمنها سورية طبعا.موقع طرطوس
من أجل ذلك عقدت في دمشق الندوة القومية (نحو خطة عربية للقضاء على ظاهرة عمل الاطفال وعلى وجه الخصوص أسوأ اشكال عمل الاطفال) لدراسة كافة مظاهر الاستغلال للاطفال في تلك الدول ولتحديد الآثار الاجتماعية والنفسية الناجمة عن تسرب الاطفال ونزوحهم.موقع طرطوس
– سوق العمل والتعرف على العلاقة بين الفقر والتسرب من التعليم وانتشار البطالةوغيرها من المواضيع الهامة ليصار الى وضع استراتيجية عربية لمواجهة مشكلة عمل الاطفال.
عدم توافر المعلومات
تسع دول عربية اعترفت بمعاناتها من مشكلة عمل الاطفال وقد شاركت في المؤتمر العربي لجامعة الدول العربية والذي عقد 2003 للحد من هذه الظاهرة إلا أن مشكلة عدم توافر المعلومات الكافية والاحصاءات الدقيقة عن عمل الاطفال تبدو مشكلة اخرى بحد ذاتها اضافة الى اخفاء بعض الدول الحجم الحقيقي لنسب الاطفال العاملين لاعتبارات سياسية واقتصادية.
وصعوبة تحديد بداية سن الطفل العامل والتي تختلف في تشريعات العمل العربية من دولة الى اخرى وكما يتباين حجم المشكلة واشكال عمل الاطفال والاسباب المؤدية الى العمل.موقع طرطوس
والدول التي وقعت هي (الاردن- سورية- اليمن- السودان- لبنان- العراق – والاراضي الفلسطينية).
سورية
تشير البيانات المتوفرة من نتائج التعداد السكاني لعام (79-81-1991) انه توجد فئة من الاطفال تعمل من سن 6 سنوات.. ولا يمكن تحديد حجم الظاهرة او عدد الاطفال العاملين نظرا لقصور البيانات والاحصاءات إلا أن الغالبية يعملون بالاعمال الزراعية يليها العمل في المصانع والورش الصغيرة. لهذا للحد من مكافحة عمالة الاطفال لا بد من استراتيجيات بعيدة المدى للحد من عمالة الاطفال واستراتيجيات قصيرة المدى تستهدف تنظيم عمالة الاطفال ويهدف تنظيم عمالة الاطفال الى إزالة أي آثار جسدية أو نفسية سلبية على صحة الطفل أو نموه الجسدي والاجتماعي والعقلي.
ولهذا نرى معظم البلدان العربية لديها تشريعات تنظم عمالة الأطفال وموقعة على أكثر من معاهدة ولكن كثيرا ما يكون التطبيق معدوما وعلى المدى الأطول وتعتبر البرامج الرامية إلى تخفيف حدة الفقر وتحسين التعليم والخدمات البشرية ضرورية لتخفيض أشكال عمالة الأطفال الضارة ويتسق هذا تماما مع التوجه الرئيسي العالمي بشأن تخفيض أعداد الفقراء. غير أن تخفيض أعداد الفقراء لا يتحمل أن يؤثر بدرجة هامة على عمالة الأطفال إلا على المدى الطويل وتعني الحقائق البسيطة الواضحة المتعلقة بانتشار الفقر أن عمالة الأطفال ستظل شائعة في البلدان العربية لفترة طويلة من الزمن.
لماذا يعمل الأطفال?!
المحامية دعد موسى قالت: انه سؤال صعب لا يمكن تحديده بدقة حيث تتضافر عدة عوامل اقتصادية واجتماعية وتعليمية في جعل الاطفال يعملون.
ويصعب فصل الاسباب عن بعضها. فعمل الاطفال مزيج من الحاجة الى دخل اضافي للاسرة وفرص العمل المتاحة للاطفال وعدم الثقة بالتعليم والقيم المسيطرة حول عمل الاولاد والبنات ومستقبلهم وتأمين حياة أفضل لهم.. ويعتبر الفقر والجهل والأمية والعجز والبطالة والهجرة من الريف الى المدينة وغياب النظم الفعالة والشاملة للضمان الاجتماعي ونظم التعليم التي لم تعد تنسجم مع متطلبات السوق وعدم تنفيذ القوانين التي تحظر عمل الاطفال في سن واعمال معينة لغياب نظم الرقابة الجادة وعدم وجود آليات واجراءات لمراقبة عدم تنفيذ تلك القوانين, اضافة الى ارتفاع الطلب على عمل الاطفال في الاسواق بسبب اجورهم البسيطة وبدون عقود وتأمينات.موقع طرطوس
تحديات
وتضيف أنه على الرغم من كل ما تم فعله من أجل مكافحة عمل الاطفال ورغم المعايير الدولية والقوانين الوطنية, لا تزال هناك عوائق تحول دون تقيد الدول بتلك المعايير مثل -غياب التشريعات الواضحة أو عدم وجود تشريعات فعالة ووجود ثغرات في القوانين تعوق مكافحة عمالة الاطفال.
وغياب الارادة السياسية لناحية وضع برامج عمل وطنية متكاملة لمكافحة العمالة وتخصيص الميزانيات اللازمة لذلك.. وضعف وعدم فاعلية مؤسسات تفتيش العمل وتعذر الوصول الى أماكن تشغيل الاطفال في الاقتصاد غير المنظم. وغياب المعلومات عنهم ووجود معوقات ثقافية, فالكثير من العائلات يعتبرون عمل الاطفال هو عمل جيد.
من حقهم التمتع بالأفضل..موقع طرطوس
يوجد بحدود 9-10 ملايين طفل يعملون قبل سن القانون في بعض الدول:
– ففي العراق 10,33%
– وفي سورية تصل النسبة الى 5,12%.
– وفي اليمن 23,30%
وذلك طبقا لدراسة قدمتها الدكتورة ناهد رمزي المستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية والتي أكدت على ضرورة اتخاذ الاجراءات اللازمة وتنفيذها ولاسيما بعد التزايد الكبير في اعداد الاطفال العاملين ولاسيما في اعمال خطرة أو أسوأ أشكال تلك الاعمال حيث قالت: يجب الاسراع بصياغة استراتيجية عربية لمواجهة تلك الظاهرة فالاطفال في تزايد مستمر يتزايد معها المخاطر التي يتعرضون لها وتهدد مختلف مناحي حياتهم وكما أنها تعوق تحقيق الاهداف الانمائية للألفية والعالم الجدير بالاطفال الذي يحلم بتحقيقه..
وتشير د. رمزي الى اتخاذ مسار تدرجي في معالجة عمالة الاطفال من خلال خطة مرحلية لمواجهة الوضع القائم سواء عن طريق تحقيق هدف قريب يهدف الى حماية الطفل في العمل حاليا والقضاء الفوري على عمل الاطفال في الاعمال الخطرة. وهدف بعيد ويعمل على علاج جذور المشكلة تمهيدا للقضاء عليها.. ويعتمد ذلك على وضع سياسات تعالج الاختلالات المجتمعية التي ادت الى تفاقم الظاهرة يتفرع عنها برامج ومشروعات عملية تمثل اجراءات تنفيذية.موقع طرطوس
مداخلات.. وتوصيات
أشار البعض من الحضور الى أن الاسرة هي السبب الاساسي في تحول الطفل الى العمل من خلال التربية التي تقدمها له. أو الحياة الاسرية المتفككة التي تودي به الى الفشل دراسيا ومن ثم التسرب من التعليم والهروب الى العمل طلبا للرزق.
– اضافة لذلك توجد بعض الاسر لا ترى من عمل الطفل أي سوء.. بل تنظر اليه نظرة ايجابية من حيث تعلم المهنة وتقوية الشخصية.
– تساءل البعض: لماذا لا تكون هناك برامج للتقليل من حدة الفقر ومساعدة الاسر الفقيرة إذ يردون السبب الاساسي لعمل الاطفال هو الفقر والحاجة.
– طالب احد المشاركين بضرورة تسليط الضوء على أسوأ اشكال العمل للطفل من خلال الإعلام بإرسال رسائل موجهة للاسرة للتوعية بمخاطر العمل صحيا واجتماعيا ونفسيا.. اضافة الى بث برامج توضح ما قد يتعرض اليه الطفل من خلال احتكاكه بالباعة الجوالين أو اثناء تجواله بين المنازل فقد يتعرض للتحرش الجنسي والعنف وقد يتعلم الادمان والتدخين ومن ثم يتعلم امورا سيئة تودي به للجريمة.
– ضرورة الحد من الأمية فالنسبة الكبيرة للاطفال العاملين هم دون الابتدائية في الوطن العربي بحدود 70% في القطاعات النظامية.
– تخوف البعض من زيادة القطاع الخاص غير المنظم والذي يشغل الاطفال لديه.موقع طرطوس
– اشارت احدى المشاركات الى ضرورة جعل المدرسة صديقة للطفولة لجعل الطفل يحبها, ولا تكون المدرسة والتسرب منها سببا هاما في عمالة الاطفال.
– حيث شدد الحضور على ضرورة متابعة الدولة للمتسربين عن التعليم واعادتهم الى صفوف الدراسة.
– وسحب جميع الاطفال الذين يعملون في أعمال خطرة وتوفير فرص عمل جديدة ومناسبة لهم.
– تطوير التعليم المهني بحيث يتناسب مع احتياجات سوق العمل ومساعدتهم للحصول على رخصة عمل لمزاولة المهنة التي تدرب عليها.
– وأن تكون هذه السياسات التي تهدف للحد من عمل الاطفال مستمرة وليست مؤقتة.
مع ايماننا بأن المعركة ضد عمل الاطفال لا يمكن الانتصار فيها بالقانون فقط, إلا أنه بالتأكيد لا يمكن كسبها بدونه, وأخذا في الاعتبار كل ما سبق يتضح أن هناك حاجة ملحة للتدخل على مستويات التشريعات الوطنية النافذة في بعض بلداننا العربية, ليس فقط لتعديل النصوص القانونية بحيث تكون أكثر قدرة على توفير الحماية اللازمة للاطفال من العمل وفي مكان العمل, بل في النص أيضا على كيفية تفعيل هذه القوانين والنص على عقوبات رادعة لكل من يخالف نصوصها.