تطلق أوروبا الأربعاء طائرة فضائية تجريبية صغيرة في مهمة ترمي إلى اختبار قدرتها على الدخول بسلام إلى الغلاف الجوي للأرض، وهو عنصر أساسي في تصميم المركبات القادرة على السفر في الفضاء والعودة إلى الأرض.
وهذه المركبة التي لا تملك جناحين، تحلق مثل الطائرة لدى عودتها إلى الغلاف الجوي للأرض، وستكون هذه المهمة التجريبية غير مأهولة.
وقد وضعت هذه المركبة، وهي بطول خمسة أمتار ووزنها ألف كيلوغرام، منذ أسبوع على متن صاروخ أوروبي من طراز فيغا، وحدد موعد الإنطلاق عند الساعة (13:00 ت غ) من يوم الاربعاء، من قاعدة كورو الفضائية في غويانا الفرنسية.
وقال جيورجيو نومينو المسؤول عن برنامج المركبة في وكالة الفضاء الأوروبية إن العودة من مدار الأرض إلى غلافها الجوي “هو الأمر الأكثر صعوبة في مجال الرحلات الفضائية”. فإن دخلت المركبة الغلاف الجوي بشكل غير انسيابي، أي بزاوية حادة، تكون عرضة للاحتراق والتفتت، أما إن دخلت بشكل كثير الإنسيابية، أي بزاوية مائلة كثيرا، فإنها قد لا تبلغ الموقع المحدد لهبوطها.
وستكون مدة هذه المهمة قصيرة، لا تزيد عن مئة دقيقة، وبعد أن تنفصل المركبة عن الصاروخ القاذف بعد 18 دقيقة من الانطلاق، ترتفع إلى علو 450 كيلومترا، ثم تباشر الهبوط. وعلى ارتفاع 120 كيلومترا، تدخل الغلاف الجوي للأرض، بسرعة كبيرة تبلغ 7.5 كليومترا في الثانية (27 ألف كيلومتر في الساعة). وسيؤدي احتكاكها بالهواء إلى تخفيض سرعتها، بعد ذلك تحلق مثل الطائرات العادية، وتفتح مظلات لكبح السرعة، وتهبط في مكان محدد في المحيط الهادئ، بعيدا عن التجمعات السكنية، ثم يتولى مركب سحبها إلى الشاطئ.
وقال تومينو “تمتاز أوروبا بقدرتها في مجال وضع الأقمار الإصطناعية في مدار الأرض، ولدينا معارف مهمة في مجال التحام المركبات الفضائية” مثل مركبات الشحن التي تلتحم بمحطة الفضاء الدولية، “لكننا متأخرون عن الأميركيين والروس وحتى الصينيين في مجال عودة المركبات ودخولها إلى الغلاف الجوي للأرض” بسلام. وفي الأيام الراهنة، وبعد خروج مكوكات الفضاء الأميركية من الخدمة في صيف العام 2011، فإن الروس هم فقط القادرون على إعادة رواد الفضاء إلى الأرض بفضل صواريخ سويوز. وفي مسعى أميركي لفك الارتباط مع روسيا في مجال الفضاء، وقعت وكالة الفضاء الأميركية ناسا عقودا مع شركات من القطاع الخاص لتصميم مركبات قادرة على العودة من مدار الأرض ودخول الغلاف الجوي والهبوط بسلام. وفي كانون الأول/ديسمبر، أطلقت ناسا مركبتها أورايون وأعادتها إلى الأرض بنجاح، وهي تعول على هذه المركبات في رحلات فضائية في المستقبل، منها مهمة إرسال رواد الى كوكب المريخ.
وتعود فكرة تصميم مركبات مأهولة قادرة على العودة الى الارض الى الثمانينيات، حين بدأت فرنسا والتحقت بها أوروبا في مشروع طموح في هذا المجال اطلق عليه اسم “هرمس”، لكنه توقف في العام 1993. وينبغي بذل أقصى درجات الحذر في ما يتعلق بلحظة دخول المركبات العائدة من الفضاء الى الغلاف الجوي للأرض. ففي العام 2003، احترق المكوك الأميركي كولومبيا لدى احتكاكه بالغلاف الجوي وأسفر الحادث عن مصرع سبعة رواد كانوا على متنه. وتبين أن السبب في الحادث يعود الى عدم صمود الدرع الحراري الواقي بسبب اصابته باضرار لدى الاقلاع.
وبحسب تومينو فان نجاح هذه المهمة سيشكل “خطوة كبيرة لأوروبا في ثلاثة مجالات: تصميم مركبات تستخدم مرات عدة، ونقل عينات من الفضاء الى المختبرات الأرضية، وإرجاع رواد الفضاء إلى الأرض بسلام”.