نجح علماء فيزيائيون في بريطانيا، في زراعة أوّل أزهار وأشجار مجهرية، في ما عده بعضهم مثالاً على إمكانية التصالح بين العلم والفن.
إذ تُعتبر مجموعة من الصور المجهرية الفوتوغرافية “لأزهار وأشجار” صغيرة جداً لا يتجاوز حجمها واحد على ألف من عرض شعرة الإنسان؛ من بين الصور الأكثر إثارة للدهشة التي يبتكرها العلماء اليوم. وقد التقطتها جيم واي هو، طالبة الدكتوراه في مجال علم التكنولوجيا المجهرية في جامعة كمبردج، ونشرت في مجلة “نانوتكنولوجي” التي يصدرها معهد الفيزياء.
وقد أطلقت العالمة على بعض أفضل صورها أسماء الباقة المجهرية، والأشجار المجهرية والأزهار المجهرية بسبب تماثلها الغريب مع بنى عضوية معروفة مثل الرؤيس والشجرة الصغيرة النامية. وهي تعمل على ابتكار أنواع جديدة من المواد مبنية على التكنولوجيا المجهرية وليست هذه “الأزهار” سوى مثالٍِ عن هذه المواد الجديدة. فالأسلاك مجهرية الحجم مثلاً، التي لا تتجاوز واحد على ألف من قطر شعرة الإنسان، المصنوعة من مادة السيليكون الكربوني (كربيد السيليكون)، تُنتج من قطيرات من معدن سائل (الجاليوم) على سطح سيليكوني.
وهي تنمو كغاز يحوي دفق من الميثين فوق السطح. ويتفاعل الغاز على سطح القطيرات ويتركّز ليشكّل الأسلاك. ومن خلال تغيير حرارة عملية النمو وضغطها؛ يمكن دمج الأسلاك بصورة طبيعية ببعضها بعضاً، لتؤلّف مجموعة من البنى الجديدة تتضمّن تلك المواد الشبيهة بالأزهار.
ويقول البروفيسور مارك ويلند، المسؤول عن مختبر العلوم المجهرية في كمبردج، والمشرف على عمل جيم واي هو “سيكون لهذه البنى الفريدة التي تظهر في هذه الصور مجموعة مثيرة من التطبيقات. ومن بين هذه التطبيقات التي يتمّ استكشافها حالياً، استعمال هذه الأسلاك كطلاء صادّ للماء وكقاعدة لنوع جديد من الخلايا الشمسية”.
وأضاف ويلند “لقد بيّنا حتى الآن عملها كطلاء، إذ أنّ قطرات الماء تنزلق عن هذه السطوح متى كانت مائلة، حتى لو لم تزد زاوية انحدارها على 5 درجات. ويأتي ذلك كنتيجة مباشرة لقدرة هذه السطوح ذات البنى المجهرية على صدّ المياه”، حسب توضيحه.
أما الدكتور بول دانيلسن، مدير التواصل في معهد الفيزياء فيقول، “يمكن أن يكون العلم جميلاً. فهذه الصور تظهر نتائج متطوّرة جداً للبحوث في مجال التكنولوجيا المجهرية، لكنها في الوقت نفسه صور رائعة الجمال بحدّ ذاتها”، ويخلص إلى القول “ربما يشير ذلك إلى أنّ العلم والفن لا يقعا على طرفي نقيض”، حسب تعبيره.