على عمق كبير تحت طبقات الجليد في القارة القطبية الجنوبية، يوجد عالم بارد تدل كل المؤشرات على أنه خال تماما من أية حياة، إلا أن العلماء مؤخرا اكتشفوا كائنات حية تعيش في هذا العالم.
فقد دفع البحث عن الحياة العلماء للتوجه إلى بحيرة فوستوك، التي تعتبر المكان الأكثر بعدا على سطح الأرض، وتتكون معظمها من مياه عذبة مدفونة على عمق 3.7 كيلومتر في الجليد، ولم تقرب الهواء الطلق لمدة 15 مليون سنة.
ووجد العلماء أثناء البحث سمكة يبلغ طولها 15 سنتيمترا تسبح على عمق أمتار من سطح الجليد الداخلي، وبعدها رأوا مخلوقات تشبه القريدس (الجمبري).
وفي الأماكن حتى النائية في القارة، والمناطق التي لم تتعرض لأشعة الشمس لملايين السنين، وجد العلماء مفاجأة كانت عبارة عن الحمض النووي لمخلوق مجهري يبدو وكأنه مزيج من الدب وخروف البحر ومفصلية الحريشة (الشهيرة باسم أم أربعة وأربعين).
وكان وجود مثل هذه الأشكال المعقدة والبسيطة للحياة مصدر دهشة وعجب للخبراء والعلماء الذين تحملوا مشقة السفر إلى هذه البيئات الشديدة القسوة.
يقول أحد أعضاء الفريق العلمي: ” عندما شاهدنا السمكة لأول مرة بدأنا في الصراخ والتصفيق”.
وكان وجود هذه الكائنات بالنسبة للعلماء شهادة على قوة الرغبة في الحياة، أو ما يعرف بـ”غريزة البقاء”، وكيف أنها معقدة وعنيدة، دفعت هذه الكائنات لتطوير أجسامها حتى تلائم بيئتها الجديدة.
ويحاول العلماء الآن معرفة من أين جاءت هذه الكائنات ومن أين كانت تحصل على الغذاء من أجل البقاء.
الأهم أن وجود هذه المخلوقات في هذه البيئات القاسية دفع العلماء للتساؤل: إذا كانت الحياة يمكن أن تستمر في مثل هذه الظروف الشاقة، فلماذا استبعاد وجود الحياة على كوكب مثل المريخ أو أحد الأقمار المغطاة بالجليد لكوكب المشتري أو زحل، حيث يمتلئ باطن هذه الأقمار بالمياه تحت سطحها المتجمد؟
ودفع ذلك كله العلماء أيضا مجددا لطرح فرضية أن البشر ليسوا وحدهم في هذا الكون، وان احتمالية وجود كائنات أخرى حية في الفضاء الخارجي تعتبر قائمة وكبيرة.