»بحثا عن الذاكرة «كتاب يمزج فيه الكاتب إيريك كانديل مواد سيرته الذاتية (كهروبه من فيينا التي يحتلها النازيون ,وتدريبه في جامعة نيويورك وهارفارد ) وعرض لأبحاثه حول الذاكرة والتي توجت بحصوله جائزة نوبل لعلم وظائف الأعضاء عام ,2002من المعلوم أن الدماغ عضو يحتوي 10إلى 100 مليار خلية عصبية يعالج معلومة في غاية الدقة .
وعليه يبذل اختصاصيو الخلايا العصبية جهدهم لفك لغز كيف أن خبرة موجزة في الدماغ تتحول فيه إلى ذكرى قد تستمر مدى الحياةمن دون ذاكرة لا يتكون لدى الإنسان أي وعي لتاريخه الشخصي ولا تتوفر له القدرة على حفظ وحل أدنى مسألة .
إيريك كانديل العالم الباحث تعلم بداية كيفية فك الإشارات الكهربائية التي تسبح من خلية عصبية إلى خلية عصبية أخرى ,وهذه الإشارات يشرف على تفسيرها بشكل عام المناطق الدماغية التي تصل إلى وجهتها .فالتفريغ الكهربائي ينتج عن تدفق إيونات (ذرات ذات شحنة كهربائية)الصوديوم والبوتاسيوم عبر الأقنية المنتظمة في الغشاء الرقيق للخلايا العصبية .
إن التشابكات العصبية التي تفصل الخلايا العصبية المتصلة ببعضها تعبرها خلايا عصبية كيميائية ناقلة تحدد بذلك فتح وإغلاق الأقنية العصبية .فالذاكرة عبارة عن خزان يدخر المعلومات ,ويمكن التمييز بين نوعين من الذاكرة ,أحدهما ذاكرة العمل قصيرة المدى والتي تدوم بضع دقائق والذاكرة طويلة الأمد والتي تمتد لأيام أو سنين .كما يمكننا فصل الذاكرة الواضحة (الكاشفة ) والذاكرة الخفية (اللاشعورية ) تتوضع ذاكرة العمل – الواضحة -في الطبقة القشرية قبل الجبهي ,فالانطباعات الموجزة التي تتعلق بالذاكرة الواضحة تتحول إلى ذكريات على المدى الطويل في المناطق الداخلية للدماغ كالحصن .
كيف يتم تخزين ذكرى ما ? قام كانديل بإجراء تجربة على الرخويات البحرية حيث لا تحوي عقدها اللمفاوية الموجودة في العنق سوى 20,000 خلية عصبية وعندما عزل الحلقة العصبية التي تضبط انكماش الغلصم ,أشار إلى أن تكرار التحفيز يضعف نقل التشابك العصبي وفي المقابل فإن تحفيزا قويا يؤدي حتما إلى زيادة أجزاء الخلايا العصبية الناقلة كالسيروتونين والغلوتامات خلال بضع دقائق وذلك هوسر ذاكرة العمل ,كما أشار كانديل بعدئذ إلى أن الذاكرة طويلة الأمد تظهر اتصالات جديدة وحلقات وصل جديدة (إذا فهي تعمل على تنشيط الجينات التي تنتج بروتينات جديدة ) وتبقى الذكريات مادامت التغيرات قائمة فالدماغ البشري إذا هو في تطور مستمر مثله مثل دماغ الرخويات ,والذاكرة الواضحة تتطلب انتباها وناقلا عصبيا جديدا وهو الدوبامين .
وأخيرا يمكن اعتبار هذا الكتاب »بحثا عن الذاكرة « بحق من أفضل الكتب العلمية انتشارا .
عن لوموند
ترجمة :سهيلة حمامة