تزايد الإقبال على الإعلانات الموجّهة للمستخدمين عبر أجهزتهم المختلفة
تخطت إعلانات الإنترنت مجرد استهداف المستخدمين استناداً إلى اهتماماتهم والمواقع التي يفضلونها إلى متابعتهم عبر مختلف الأجهزة، فربما يبحثون عن موضوع أو منتج معين من الحاسوب المكتبي في العمل ليشاهدوا بعدها إعلاناً يتعلق به على شاشة هاتفهم الذكي، ثم الحاسوب اللوحي في المنزل، وربما تشمل حلقة الإعلانات في المستقبل التلفزيون والأجهزة المنزلية الذكية.
ويتزايد إقبال المعلنين على التقنيات التي تُساعد على استهداف المستهلك نفسه عبر مختلف الأجهزة التي يستخدمها، لدرجة تتحول معها إلى وضعٍ عادي، ويسهم في ذلك عوامل عدة، منها تنامي استخدام الأجهزة المحمولة في تصفح الإنترنت، وتفضيل المستهلكين الشراء عبر الحواسيب المحمولة، وتطور تقنيات المطابقة بين المستخدمين وأجهزتهم.
وتطورت الشركات المهتمة بما يشار إليه باسم المطابقة الاحتمالية أو التوافق الاحتمالي، ويقصد بها دراسة ملايين من مستخدمي الإنترنت لتحديد احتمالية استخدام شخص واحد لأكثر من جهاز متصل بالإنترنت كهاتف وحاسوب لوحي وآخر مكتبي. ومثلاً تتخصص شركة «دراوبريدغ» Drawbridge في مطابقة المستخدمين عبر مختلف الأجهزة، وقالت إنها نجحت حالياً في ربط 1.2 مليار مستخدم بـ3.6 مليارات جهاز، مقارنة بـ1.5 مليار جهاز قبل عام.
ويضاف إلى ذلك تحول الإعلان على الإنترنت ليصير سوقاً تعتمد على القرارات الفورية، وتستند إلى ما تجمعه الشركات من معلومات عن المستخدمين. ويركز عمل العديد من الشركات مثل «دراوبريدغ» و«كروس وايز» Crosswise و«تابد» Tapad على دراسة الأجهزة واهتمامات المستخدمين من خلال تتبع مليارات من مبيعات الإعلانات التي تتم عبر الإنترنت في الوقت الحقيقي، وبمعدل يومي.
ويكوّن المعلنون من علامات مثل عنوان «آي بي» أو «بروتوكول الإنترنت» والمتصفح وتفاصيل أخرى ما يشبه البصمة المميزة. وعلى سبيل المثال، يُعد اتصال هاتف محمول وحاسوب لوحي من خلال عنوان «آي بي» واحد في المنزل دليلاً، وكذلك البحث عن منتج واحد. وربما يشير البحث مرات عدة من موقعٍ جغرافي واحد خلال فترة زمنية قصيرة ومعلومات أخرى إلى مُستخدم واحد.
وتقول الشركات العاملة في مجال «المطابقة الاحتمالية»، إنها حسنت بشكل كبير من مستوى دقتها خلال الأشهر الأخيرة. وأظهرت دراسة لشركة «نيلسن» تناولت بيانات «دراوبريدغ» ونشرت في أبريل الماضي وصول مستوى الدقة إلى 97.3% في ربط جهازين أو أكثر بمستخدم واحد، وخلصت دراسة سابقة لبيانات «تابد» دقتها بنسبة 91.2%.
ومما يسهم في دعم الإعلانات الموجهة للمستخدمين عبر الأجهزة المختلفة تصاعد الإقبال على الأجهزة المحمولة. وكانت «غوغل» أعلنت في الشهر الماضي أن المستخدمين في كل من الولايات المتحدة الأميركية واليابان وثمانية بلدان أخرى يستخدمون الأجهزة المحمولة في ما يزيد على نصف عمليات البحث. كما أظهر تقرير لشركة «سيسكو» تنامي استخدام الإنترنت عبر الأجهزة المحمولة في الولايات المتحدة بنسبة 63% خلال عام 2014.
ويفضل الكثير من المستهلكين البحث عبر الأجهزة المحمولة، بينما يستكملون عملية الشراء من خلال الحواسيب ذات الشاشات الأكبر، الأمر الذي يعطي المعلنين حافزاً لمتابعتهم عبر مُختلف الشاشات. وتُزيل الوكالات الإعلانية بدورها الحواجز بين الفيديو والمحمول سعياً لصياغة نهج أكثر تكاملاً.
ومثلاً نظمت وكالة «ترن» للإعلان الرقمي أخيراً حملة لتأمين السيارات بدأت بإعلان فيديو ثم انتقلت إلى إعلانات مواقع الإنترنت على أجهزة أخرى. وتبشر مثل هذه المحاولات بنتائج واعدة، وأفادت «دراوبريدغ» بأن حملة مماثلة عبر منصات مختلفة حققت استجابة تفوق بثلاثة أضعاف الإعلانات التقليدية على الإنترنت.
وبطبيعة الحال، يفضل عدد غير قليل من الأشخاص الهروب من مثل هذه المتابعة الإعلانية، ويمكنهم اتخاذ بعض الإجراءات المضادة ولاسيما تجاه ما يوصف بالتتبع الحتمي، فحين يستخدم شخص مواقع مثل «غوغل» و«فيس بوك» وغيرها من الخدمات التي تتطلب تسجيل الدخول، تُعتبر هذه علامة على امتلاك الشخص للأجهزة المستخدمة، وتالياً يمكنه استخدام عناوين مختلفة للبريد الإلكتروني والخروج من هذه المواقع.
وتتضمن الحلول المقترحة استخدام برامج للتعمية مثل «بلور» Blur. ومع ذلك أقر الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا والمؤسس المشارك في «أبين» Abine المعنية بالخصوصية والمطورة لبرنامج «بلور»، أندرو سودبوري، بصعوبة إيقاف مثل هذا التتبع، لأنه بمثابة الآثار التي تُخلفها الأنشطة اليومية للشخص.
كما يمكن للمستخدمين تجنب تتبع اهتماماتهم عبر المواقع المختلفة وتقديم الإعلانات تبعاً لها من خلال برنامج «آد تشويسز» AdChoices التابع لتحالف الإعلان الرقمي «دي إيه إيه».
وفي كل الأحوال يؤكد المعلنون على أن محاولتهم التعرف إلى الأجهزة التي يستخدمها شخص واحد لا تتضمن جمع أسماء الأفراد.
وقال الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في شركة «ميديا ماث» للإعلانات الرقمية، رولان كوزلينو: «يفزع الناس حيال إعادة التوجيه، ويعتقدون أن شخصاً ما يراقبهم، لا أحد يراقب أحداً، وكل جهاز يحمل رقما».
واشترت الشركة في العام الماضي وكالة «تاكت آدز» Tactads المتخصصة في توجيه الإعلانات عبر الأجهزة المختلفة. وأضاف كوزولينو: «لا أعرف من تكون، لا أعرف أي معلومات شخصية عنك، أعرف فقط أن هذه الأجهزة يتحكم فيها المستخدم نفسه».
وتُواجه الشركات التي تتجاوز المدى المسموح به خطر فقدان ثقة متعامليها كما هي الحال حين تناولت الأخبار في وقتٍ سابق من العام الجاري استخدام شركة «فيريزون» للاتصالات نوعاً خاصاً من ملفات تعريف ارتباط «كوكيز» في صفحات الإنترنت واتهمتها بانتهاك الخصوصية. وحالياً تشرح الشركة في موقعها الأمر برمته، وتُتيح للمستخدمين اختيار تجاوزها.
وفي الآونة الأخيرة اتجهت شركة «دراوبريدغ» إلى متابعة أجهزة التلفزيون الذكية لربطها بالمستخدمين، لكن يتعامل المعلنون عموماً بحذر مع الإعلانات التلفزيونية الموجهة، على الرغم من التوقعات القائلة بانتشار الإعلانات التلفزيونية المخصصة بحسب اهتمامات الأشخاص مستقبلاً. ويرغب المسؤولون عن الإعلان في التقدم ببطء كي لا يسترعوا انتباه الجهات التنظيمية ويزيدوا من قلق المستهلكين.
المصدر: دبي ـــ الإمارات اليوم