موقع طرطوس

من هو ادوار ديبونو؟

نعتقد أن من المفيد للباحث والقارئ في ميدان علم نفس التفكير أن يطلع على سيرة حياة وأعمال واحداً من أبرز علماء نفس التفكير المعاصرين. لاعتقادنا أن هذا العالم المبدع لا يزال غير معروف بشكل جيد للقارئ العربي. فقد ارتأينا أن نتناول بإيجاز سيرة حياته، واهم أعماله وإضافاته في دراسة التفكير وتدريس مهاراته، كما سنعرض أهم آرائه في هذا الميدان،

سيرة حياة دي بونو:

ولد دي بونو في جزيرة مالطا عام (1933م)، وأكمل تعليمه العام والعالي (البكالوريوس في الطب) في وطنه – جزيرة مالطا. ثم حصل على بعثة علمية إلى خارج وطنه (من الكنيسة) لإكمال تعليمه العالي في جامعة أوكسفورد (Oxford) البريطانية، إذ تخصص فيها في الفلسفة وعلم النفس.

ونال دي بونو درجة الدكتوراه في الطب (MD) ثم درجة الدكتوراه (Ph.D) في علم النفس من جامعة كمبرج (Cambridge) البريطانية أيضا.
ومهما تكن الأسباب والظروف التي دفعت دي بونو (وتدفع غيره) للبقاء في بلد الدراسة، فإنه عمل أستاذا وباحثا في جامعات المملكة المتحدة المرموقة، مثل أكسفورد وكمبرج ولندن وهارفرد، كما عمل أستاذا زائراً في عدد من جامعات الولايات المتحدة واستراليا وكندا. وألقى محاضرات وقدم ندوات حول أساليبه في تنمية مهارات التفكير في الجامعات المشار إليها، وفي جامعات اليابان ونيوزلندا وفرنسا والكويت والأردن. ونشر دي بونو أكثر من (67) كتابا، يدور أغلبها حول موضوع التفكير والإبداع وتدريس مهاراتهما، ترجم بعض منها  إلى حوالي (38) لغة من بينها اللغة العربية. (بحسب مقابلة مع دي بونو نشرت في جريدة  يابانية “The Japan Time” في 17/7/2003 كما نشرت على الموقع الشخصي لادورد دي بونو). وخلال تلك المقابلة أقترح دي بونو تأسيس “وزارة للإبداع” في اليابان من أجل أن تستمر في الريادة الاقتصادية.موقع طرطوس

بعض من إضافات دي بونو إلى علم نفس التفكير:

يعد البروفسور دي بونو مبتكر مصطلح (Lateral Thinking) الذي دخل قاموس أكسفورد في طبعاته الأخيرة، ومصطلح  (Lateral)  يعني الأصالة أو الإبداع أو الحداثة و(Lateral Thinking) يعني محاولة حل المشاكل بأساليب غير تقليدية. وهو مؤسس ومدير برنامج (The Cognitive Research Trust Project) ومختصره (CoRT). وقد طور دي بونو هذا البرنامج لتنمية مهارات التفكير وطبقه في مدارس منطقة كمبرجشر (Cambridge shire). كما عمل مديرا لمركز دراسات التفكير في جامعة كمبرج البريطانية.موقع طرطوس

وقد عمل دي بونو مستشارا لكثير من الشركات التجارية والحكومات، وهو مبتكر “حائز على براءة اختراع” لعبة Game L وظهر في عام (1990) عدة مرات في قناة الـ (ITV) البريطانية يروج لمنتجات إحدى شركات إنتاج أثاث المكاتب!!.

إن ملايين الناس – من عمر ست سنوات حتى سنوات الشيخوخة – في المملكة المتحدة وأمريكا واليابان واستراليا وغيرها من الدول الصناعية والعربية، اطلعوا بشكل مباشر من خلال ندوات ومحاضرات دي بونو، أو بشكل غير مباشر من خلال كتبه، على أساليبه وآرائه في التفكير وتنمية مهاراته، ويمكن استخدام أساليب دي بونو في المدارس والجامعات والشركات الكبيرة والجيش والصناعة وفي برامج الأطفال.موقع طرطوس

ويبدو أن منطقة كمبرجشر وجامعتها العريقة المرموقة والمملكة المتحدة لم تعد تتسع لإبداع الرجل وطموحه، لذلك انتقل إلى مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية ليؤسس معهد دي بونو لتعليم التفكير “Edward de Bono School of Teaching Thinking” وهناك طور برنامجا جديدا، على ضوء برامجه وخبراته الكثيرة والكبيرة في تدريب مهارات التفكير سمّاه The Master Thinker Program. وبدأ تدريب الأفراد عليه منذ عام (1988).

أهم آراء دي بونو في التفكير وتنمية مهاراته:

يرى دي بونو أن تنمية مهارات التفكير تتطلب من الفرد توفر الرغبة (Interest)  أولا، ثم بعد ذلك يأتي الميل أو الانتباه  (Attention) ثم الممارسة (Practice). وبعد اكتساب المهارة يأتي شعور الفرد بالمتعة (Enjoyment)، أي أن المتعة في التفكير تأتي لاحقا، ويؤكد دي بونو أن بداية التمرين على مهارات التفكير يتطلب الإكثار من التدريب والتمرين. ويصاحب التدريب والتمرين قليل من المتعة أو التمتع في بداية الأمر. وحالما يصل الفرد إلى مستوى معين من المهارات المطلوبة تحصل الطلاقة والفاعلية، اللتان تجعلان الفرد يشعر بالمتعة في ممارسة مهارات التفكير. ويشبّه دي بونو تعلم مهارات التفكير بتعلم مهارات ركوب الدراجة الهوائية أو السباحة أو الكمبيوتر. في بداية تعلمها يشعر المتعلم بالارتباك، إذ يبدو تعلمها (للمتعلم الجديد) صعبا وغير ضروري وغير طبيعي، وبعد تعلمها واكتساب درجة معينة من المهارة فيها، يصبح الحديث عن وجود مرحلة ارتباك أمرا غير معقول . ويمكن إيجاز آراء دي بونو في دراسة وتدريس مهارات التفكير في: موقع طرطوس

إن مهارات التفكير تماثل مهارات القيادة والخياطة والسباحة وما شابهها، ويمكن تعلمها وتعليمها لجميع الناس الأسوياء بدرجات مختلفة عند توفر الرغبة والتدريب المناسبين. ويمكن للنظام التعليمي بعد أن يتبنى أساليب تنمية التفكير في مناهجه، أن يساهم في تحسين تلك المهارات.موقع طرطوس

يعتقد دي بونو أن الممارسة أو التدريب يقود إلى الإتقان أو الكمال في تنمية مهارات التفكير. والمقصود بالممارسة هنا هو التدريب وفق برامجه في الميدان أو غيرها من البرامج. فتعلم مهارات التفكير يتم بالعمل والممارسة وليس بالوعظ والحث.

يدعو دي بونو إلى تدريس مادة التفكير (Thinking) كمادة مستقلة في المدارس. مثلها مثل مقرر الرياضيات أو العلوم أو غيرها من مواد المدرسة التقليدية. وهذا يعني أن دي بونو لا يؤمن في أن مهارات التفكير تتحسن وتتطور بواسطة تدريس تلك المواد التقليدية (الرياضيات والعلوم واللغات …الخ).

ويصنف دي بونو الناس إلى مجموعتين رئيسيتين في نظرتهم إلى التفكير وإمكانية تنميته. المجموعة الأولى تحسب التفكير ظاهرة طبيعية فسيولوجية كالتنفس والمشي لابد أن تحدث، وعليه لا نستطيع أن نعمل أي شيئ بصددها، وأن أي تدخل من جانبنا يربكها، وهذا الرأي يعني إن كنت ذكيا فأنت مفكر جيد وقادر على التفكير البنّاء. وإن كنت أقل ذكاء فهذا قدرك، وما عليك إلا أن تقبل به وتصغي إلى زميلك الأكثر منك ذكاء وعليك أن تتعلم منه، ولا يزال كثير من علماء النفس والتربية يعتقدون بهذا الرأي الذي تمتد جذوره إلى عالم النفس البريطاني كالتون (Galton 1822-1911م) وتصل فروعه إلى عالم النفس المعاصر الألماني المولد الإنكليزي الثقافة والموطن (Hans Eysench). أما المجموعة الثانية فتنظر إلى التفكير على أنه مهارة مكتسبة، تشبه مهارة السباحة والحياكة وركوب الدراجة والفلاحة وما شابهها، يمكن تعلمها وتعليمها بدرجات أو مستويات مختلفة، بعض الناس فيه أمهر من البعض الآخر وكل فرد يستطيع الوصول إلى مستوى معين من تلك المهارات إذا توفرت له الشروط والتدريب المناسبين، وجذور هذا الرأي تمتد إلى عالم النفس الفرنسي المعروف بينيه (1857-1911م).موقع طرطوس

فإن كنت تتبنى الرأي الأول، هذا يعني قبولك بما أنت فيه أو عليه من مستوى التفكير، وعليه لا يمكنك أن تحسن مستوى أو درجة تفكيرك، أو قد تؤمن بالرأي الثاني. وهذا يعني قناعتك أو رضاك بما أنت فيه أو قادر عليه من مستوى تفكير، وأنه يمكن لك أن تحسن مستوى تفكيرك في حالة توفر الرغبة والانتباه والبرامج والتدريب المناسب. وهذا ما كان يدعو إليه دي بونو منذ أكثر من ربع قرن ولا يزال. ونحن نميل إلى الاعتقاد بصحته.

الأذكياء يخافون من الوقوع في الخطأ، وهذا يبعدهم عن المغامرة (Risk) التي تعد سمة من سمات الشخص المبدع. كما أنهم يفكرون بسرعة ويقفزون إلى النتائج بسرعة في كثير من  الحالات.

Exit mobile version