بإلقاء نظرة مستقبلية على منتصف القرن الحالي، فإن الحيوانات المحببة لدينا مثل الليمور ووحيد القرن والنمور ستكون قادرة على العيش فقط في إطار شكل من أشكال الأسر.
ومع ذلك، فإن خطر انقراض هذه الحيوانات سيزداد حدة أكثر مما هو عليه الآن.
وجهة نظر قاتمة ومتشائمة بشكل مفرط؟ ربما هي كذلك.
لكن بعد أن نشرت تقريرا عن حالة الحياة البرية في مدغشقر الأسبوع الماضي، فإنه لا يمكنني أن أحدد كم عدد الحيوانات الأكثر شهرة التي سيكون بمقدورها التجول في مواطنها الطبيعية لفترات أطول من الوقت.
لا أعني بذلك أن مستقبل هذه الحيوانات سيكون بالضرورة مقصورا على وجودها داخل حدائق الحيوانات، لكن أقصد مستقبلا ستعيش فيه هذه الحيوانات داخل مناطق خاصة محمية بأسوار ودوريات وكاميرات مراقبة، أي أنها ستكون حرة ولكن في حدود معينة.
الأسباب وراء ذلك واضحة وهي تزايد عدد السكان من البشر والرغبة الملحة في الحصول على موارد والسوق السوداء للحصول على الحيوانات وأجزائها، وكل ذلك يعني أن البشر والحيوانات سيتنافسون بشكل متزايد على مساحات الأراضي والرغبة في البقاء، والحيوانات تكون في أغلب الأحيان هي الخاسر.
وفور أن سلكنا طريقنا عبر ما تبقى من جيوب من الغابة في مدغشقر، سمعت أنه لم يبق من الغطاء الأصلي لها سوى أقل من 10 في المئة.
وتتعرض تلك المساحات المتبقية من الغابة، والتي تمثل المواطن الوحيدة لأشهر أنواع الليمور في البلاد، لهجمات مستمرة إذ يسعى السكان المحليون إلى إنشاء أراضي زراعية أو البحث عن لحوم طازجة.
حماية من نوع خاص
تذكرت التقرير الذي صورنا فيه محمية للنمور في تايلاند قبل بضع سنوات.
وفي مسعى لتوفير حماية نسبية لنحو 60 نمرا من عمليات الصيد غير المشروع، انتشرت مجموعة من حراس الأحراش تضم 200 شخص وبدأت دوريات مستمرة.
كانت كاميرات المراقبة عن بعد والمراقبة باستخدام الأقمار الاصطناعية وجمع المعلومات وسائل مهمة في التصدي للمغيرين الذين كانوا مزودين بأسلحة ايه كيه 47 ومعهم طعم مسموم يذكي ارتفاع أسعار بيع أجزاء النمور في الصين الرغبة في صيدها.
وفي وقت مبكر من هذا العام، شاهدت المنظر المحزن لواحد من آخر خمس أفراد لأحد فئات وحيد القرن، وهو وحيد القرن الأبيض الشمالي، والذي يقترب من الاندثار بسبب السوق البشعة للحصول على قرونه، وما تبقى من هذا الحيوان على قيد الحياة يحتاج إلى حماية خاصة.
قضية توجهات
في حالة مدغشقر، فإن الاضطراب السياسي الذي أعقب الانقلاب زاد من آفة الفساد ومن عصابات تهريب الحيوانات جيدة التنظيم، وليس من الصعب أن نتوقع أن آخر جيوب الغابة ستستمر في الانكماش وأعداد الليمور ستستمر في التقلص.
والأمر الأكثر تحديا هي قضية التوجهات، فبالنسبة إلى العديد من دول الغرب الغنية، فإنه أمر بديهي أن تمنح الحياة البرية الثمينة أولوية، وقد أنشأت أشهر الجمعيات الخيرية لمساعدة الحيوانات، وتحظى الحياة البرية بدعم ملكي أيضا.
لكن ماذا عن وجهات النظر في قرية قاحلة شديدة الفقر على أطراف واحدة من الغابات في مدغشقر حيث تعيش العائلات على أقل مما يعادل اثنين دولار يوميا.
الأمر ليس مثيرا للدهشة، فالناشطون في مجال الحفاظ على البيئة لا يلقون ترحيبا دائما هناك.
في محمية ماروميزاها، وهي موطن لأنواع عديدة مختلفة من الليمور، سمعنا بوجود حالة من العداء من حين لآخر إزاء الأشخاص الذين يعملون من أجل إنقاذ الحيوانات.
وخلال إحدى الحملات الانتخابية، وعد رئيس إحدى القرى بتخصيص مزيد من أراضي الغابة للنشاط الزراعي، وتلقى موظفون محليون يعملون في مجال الحفاظ على البيئة تهديدات عبر الهاتف وصلت إلى التهديد بالقتل.
إغراء مالي
في حديقة “بالي باي” الوطنية، التي تقع في منطقة نائية شمال غربي البلاد، واجهت منظمة “دوريل لحماية الحياة البرية” العديد من الحوادث المثيرة للقلق خلال عملها من أجل إنقاذ السلحفاة التي تعرض باسم “سلحفاة المحراث” والتي تواجه بشدة خطر الانقراض.
وفي أحد الأيام، وضعت سلحفاة نافقة على عتبة الجمعية، وهو تهديد أشبه بذلك الذي تتبعه عصابات المافيا بهدف عدم التدخل في سوق السلاحف السوداء التي تدر عوائد هائلة.
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وبينما كان العاملون بالمنظمة يقيمون احتفالا ليوم كامل بإحراز تقدم في أنشطة حماية البيئة، شوهد عمود دخان وهو يرتفع من المنطقة الرئيسية للحديقة.
وأحاط اللهب تقريبا بجميع المنطقة الخاصة بالمشروع.
وتندلع حرائق بالفعل لأسباب طبيعية، لكن هذا الحريق ربما كان متعمدا بشكل كبير، فأنشطة الحفاظ على البيئة قد تخلق أعداء.
المكافأة المالية مقابل سرقة السلاحف كبيرة جدا بالنسبة إلى بعض السكان المحليين، في حين أن هناك آخرين يتطلعون إلى التنمية والوظائف التي قد تأتي من خلال خطط لإحدى الشركات الصينية لإنشاء منجم جديد ضخم لخام الحديد في مكان قريب، ويمكن أن ينظر إلى العاملين في الحفاظ على البيئة باعتبارها عائقا.
في بالي باي وماروميزاها، يجري الاستعانة بالقرويين للعمل كمرشدين ومراقبة الحيوانات ومرافقة الزائرين.
السياحة قد تكون مصدر عوائد كبيرة لهؤلاء السكان، لكنها تتطلب الكثير من البنية التحتية مثل الفنادق وخطوط النقل، وهو الأمر الذي لا يكون متوفرا دائما في بلد فقير مثل مدغشقر.
ونظرا لأن هذه المرافق تستغرق سنوات لتطويرها، فإن العائلات الفقيرة تنظر إلى الغابات القريبة منها كمصدر أسهل لتحقيق عوائد مادية سريعة.
ماذا عن المستقبل؟
تتوفر فرص نجاح لبعض المبادرات إذا جرى تمويلها بشكل جيد ومشاركة المجتمعات المحلية فيها.
قد يؤدي الكثير من إجراءات الحراسة في الحدائق الوطنية والمحميات المهمة المطلوبة ومنع الاختراقات، ونجح عدد قليل جدا من المبادرات المحلية.
وبعد تغطيتنا الصحفية الأسبوع الماضي، اتصل الكثير من الناس ليصفوا لنا جهودهم في الحفاظ على البيئة في مدغشقر وللتشجيع على زيارتها.
لكن قبل أسابيع قليلة سمعت شيئا يدور في أوساط العاملين في مشروع الحفاظ على البيئة بأن العلماء الشباب الذين يخططون للعمل الميداني يتساءلون إذا كان ينبغي عليهم تجنب مدغشقر في أبحاثهم الميدانية على أساس أن غاباتها ربما لن تدوم طويلا بصورة كافية حتى يتسنى لهم إنجاز دراساتهم خلال العشرين سنة القادمة.
وهذا يعيدنا إلى النقطة الافتتاحية التي طرحتها وهي أنه ربما يكون واقعيا أكثر البدء في تصوير عالم ستكون فيه الحيوانات التي نولي أكبر اهتمام بها آمنة فقط في مناطق تتمتع بحماية مناسبة.
ديفيد شوكمان
محرر العلوم-بي بي سي