يتجدد مطلب التعلم الذاتي للتربية في عصر التفجر المعرفي إزاء التحديات التربوية المعاصرة, فالفترة الزمنية التي يقضيها الطالب في المدرسة أصبحت لا تكفي لمسايرة وملاحقة التطورات العلمية ولا يستطيع أي منهج مدرسي مهما اتسم بالمرونة أن يواكب ثورة المعلومات .
وأصبح من الضروري امتلاك الأدوات الجديدة التي تفرزها ثورة التقانة واستخدامها للتكيف مع عصر المعلومات ومن هنا تأتي أهمية الحاسوب كأداة لتحقيق مطلب التعلم الذاتي. الأستاذ الدكتور أحمد زياد محبك, أستاذ الأدب العربي الحديث في جامعة حلب يقول: بواسطة الحاسوب يتحرر الطالب من الالتزام والتقيد بالمناهج القديمة ويوفر الحرية وعدم الخضوع لنظام المدرسة وقوانينها وما تضيعه من وقت حيث يتمكن المعلم من تصحيح الواجبات المدرسية على الحاسوب والاتصال بالطلبة عبر الشبكة والحوار معهم.موقع طرطوس
بالنسبة لعالم الأطفال يؤكد د. أحمد أن الأطفال أكثر قدرة من الكبار على التعامل مع الحاسوب وأسرع في التأقلم معه والإفادة من تقاناته المتعددة ويشعر الطفل وهو يتعامل مع الحاسوب بالبهجة والمتعة لما فيه من حداثة وأساليب مسلية تجمع بين الجد واللعب, ويمنحه الثقة بنفسه ويجعله أقدر على الحوار والتفاهم والتواصل مع الآخرين, وتحقيق التعلم الذاتي.موقع طرطوس
باختصار سيربط الحاسوب الطفل بمدرسة افتراضية, لا تفيده بزمان ولا بمكان وسيغير مستقبلاً كل شيء. نمط الدروس وطرق الامتحان وأساليب التعلم والتعليم, فمثلاً يصبح الطفل قادراً على التحكم بحجم النص والحرف ونوعه ولونه ودرجة الإضاءة وأن يعلق على النص وأن يضيف إليه ويعدل فيه ويرسله إلى صديق ويطبعه. مما لا توفره صفحات الكتاب إضافة إلى أن الحاسوب يعلم الطفل سرعة القراءة والتفكير والكتابة والنتيجة هي سرعة التأليف. ويريح الحاسوب من مشكلة المسودة والمبيضة والتنقيح وإعادة الكتابة عن طريق القص واللصق والتقديم والتأخير والحذف والإدراج وهي تقانات عالية السرعة, توفر الوقت والجهد, ورداً على بعض الآراء التي ترى أن الطفل سوف يسيء استخدام الحاسوب وسوف تستنفد برامج التسلية وقته وجهده وتشغل تفكيره يجيب الدكتور أحمد:موقع طرطوس
من حق الطفل أن يلعب, وألعاب الحاسوب نفسها تنمي مقدرته اللغوية واللعب خير وسيلة للتعلم كما أن الأطفال والكبار كانوا على مر العصور يلعبون وما زالوا ولا بد من وقت للعب سواء في حضور الحاسوب أو في غيابه وهل من طفل لا يلعب? بل إن اللعب ظاهرة صحية ومع استمرار الطفل في التعامل مع الحاسوب سيختار ولو بعد حين ما ينفعه ويترك ما لا ينفعه ولكن من المؤسف أن أكثر الناس يشترون لأولادهم من الألعاب والهدايا ما تبلغ قيمته ثمن الحاسوب وهم يشترون الهواتف النقالة ويبدلونها جرياً وراء التطورات الحديثة فيها, كما يشترون أجهزة الاستقبال المرئي وينفقون عليها أضعاف ثمن الحاسوب ولذلك فإن الفقر ليس مشكلة, إنما الجهل وغياب الوعي هما المشكلة.موقع طرطوس
أخيراً الحاسوب ليس بإمكانه أن يصنع معجزة وما هو بعصا سحرية تفعل المستحيل وهو لا يعمل وحده ولا بد من إنسان يغذيه بالبرامج ولا بد من إنسان يتعامل معه, وفي حالة الطفل لا بد من التوجيه والرعاية والإرشاد سواء في المدرسة أو في البيت, ولا تتحقق الغاية المرجوة من الحاسوب إلا إذا عم وانتشر لأن النهضة لا يصنعها فرد ولا تتمثل في حالة خاصة.