يعرف الجميع ماهية المادة العادية، التي تشكل “الأشياء” في الكون، أما المادة المظلمة، فهي أكثر غموضا بكثير، لكن العلماء يعتقدون إنها تشكل نحو 85% من جميع محتوى الوجود كله.
وقد ظهرت بحوث جديدة نُشرت في مجلة Nature العلمية نتيجة تعاون دولي بين باحثين من مختلف أنحاء العالم، وتزعم هذه البحوث أنها قد وجدت أدلة على وجود هذه المادة المظلمة، ليس فقط في المناطق الخارجية من مجرتنا درب التبانة، ولكن أيضا في الجزء الأعمق منها.
وقال “ميغيل باتو” المؤلف المشارك في البحوث من جامعة ستوكهولم في بيان صحفي:”في دراستنا الجديدة، حصلنا لأول مرة على دليل مباشر لوجود المادة المظلمة في الجزء الأعمق من مجرة درب التبانة، حيث قمنا بعمل تجميع للقياسات التي نُشرت من قبل عن حركة الغازات والنجوم في المجرة، مع مراقبة سرعة دورانها، في ظل افتراض وجود المادة المضيئة فقط داخل المجرة، إلا أن سرعة دوران الغازات والنجوم بهذه الكيفية لا يمكن تفسيرها، ما لم توجد كميات كبيرة جدا من المادة المظلمة حولنا، بيننا وبين مركز المجرة، وهذا وهو الدليل الذي لا يقبل الشك”.
وقد وجدت بحوث سابقة دليلا على المادة المظلمة في المناطق الخارجية للمجرة، ولكن هذه هي المرة الأولى التي تثبت فيها البحوث وجود هذه المادة بالمنطقة الداخلية للمجرة، في الجزء العميق منها.
ولأن المادة المظلمة لا تتفاعل مع الضوء أو الإشعاع نهائيا، فلا يمكن رؤيتها، وبالتالي فهي موجودة في الكون بصورة غير مرئية، ويمكن الاستدلال عليها من خلال مشاهدة آثار الجاذبية على سرعة دوران المادة العادية، مثل دوران الغاز والنجوم داخل المجرة، كما يوضح الباحثون.
وقال “ميغيل باتو” عن أهمية البحوث الأخيرة: “الطريقة التي اتبعناها في بحوثنا ستسمح لعلماء الفلك القادمين بقياس توزيع المادة المظلمة في مجرتنا بدقة غير مسبوقة، وسوف يسمح ذلك بصقل فهمنا لهيكل وتطور المجرة، والبحث عن جسيمات هذه المادة المظلمة لاحقا، ولذلك فهذه الدراسة تشكل خطوة أساسية في فهم طبيعة المادة المظلمة مستقبلا”.