كان حلما كبيرا أن نرى في يوم من الأيام عملية الاتصال الهاتفي بين الأفراد يمكن أن تتم في الشارع أو السيارة أو في أماكن أخرى وأن تستخدم نفس هاتفك عند التنقل من دولة إلى أخرى. لقد ألغى ظهور وإختراع الهاتف الجوال أو النقال في نهاية ثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي مفهوم كل ما كان في يوم من الأيام يعتبر غير ممكن في هذا المجال. إن السرعة الهائلة في تطور تقنية الهواتف النقالة وما قدمته وتقدمه من خدمات خلال أقل من عقدين مضت من عمر هذه التقنية حالها في ذلك حال التطور السريع الذي يحدث في تقنية المعلومات ككل على أساس أنهما مترابطان بحيث لا يمكن الفصل بينهما لإعتماد تقنية الهواتف النقالة على تقنية المعلومات في الكثير من الأمور وخاصة الخدمية منها والبنية التحتية.
ففي عالم اليوم أصبح الهاتف النقال ليس مجرد جهاز للإتصال الشخصي وإرسال الرسائل القصيرة وإنما تعدى الأمر ذلك ليصبح مركز معلومات مصغر أو سكرتير شخصي متجول يحتوي على الكثير من المعلومات الخاصة والعامة وكذلك مركز ترفيه يحتوي على العديد من الألعاب والتصوير للصور الثابتة والأفلام وسماع الموسيقى والأغاني وما شابه ذلك. الأهم من ذلك كله أصبحت معلومات العالم كلها بين يدي المستفيد وهنا بالتأكيد نشير إلى توفر خدمة الأنترنت وإمكانية تصفحها دون الحاجة إلى وجود جهاز كمبيوتر وهذا بحد ذاته كان يعتبر حلما لا يمكن حتى التفكير فيه لأكثر من عقد مضى من الزمن.
أن التطور الأخير الذي حصل في هذا المجال منذ سنوات قليلة والأكثر جاذبية هو مشاهدة القنوات الفضائية واستقبال الأخبار أولاً بأول أي أننا أصبحنا ليس ببعيدين عن الحدث حال حصوله مما أثرى صناعة النشر والإعلام وأعطاها زخما قويا في تقديم الأفضل دائما حيث تم الجمع بين تطور كل من التقنية والقلم والتعبير. طبعا كل ذلك لم يكن ليحصل أو ممكنا لولا الثورة التقنية الهائلة التي حصلت في عالم الهواتف النقالة والأهم من ذلك شبكات الاتصال التي وفرت الأرضية الصلبة لنقل أحجام كبيرة من الملفات عبر هاتف نقال لا يتجاوز حجمة يد الإنسان. هذا التطور الهائل الذي حصل في استخدامات الهواتف الناقلة أشعل الحرب بين اللاعبين الكبار في صناعة هذه الأجهزة وأنظمة التشغيل التي تعمل عليها. طبعا حرب من هذا النوع يجني ثمارها الإنسان ولا يترتب عليها نوع من الخسائر سوى تكلفة الشراء بالنسبة إلى المستخدم وهذا ينطبق على أي تقنية جديدة في أول ظهور لها. من أكبر الشركات التي عملت على تطوير أنظمة التصفح لشبكة الأنترنت على الهواتف المحمولة هي نوكيا وأبل وفاير فوكس وسافاري ونيت فرونت. بإستخدم شركة نوكيا العالمية نظامي تصفح شبكة الأنترنت S06 والتشغيل Symbian الذي أشترته مؤخرا، إزداد عدد اللذين يستخدمون أجهزتها لتصفح الأنترنت في السنة الأخيرة إلى الضعف. وتعتبر شركة أبل Apple العالمية وبفضل جهازها iPhone الأكثر تفوقا في العالم في مجال إستخدامات الويب ويعود الفضل في ذلك إلى المرونة العالية في نظام سفاري Safari لتصفح الويب والذي تستخدمه هذه الأجهزة من أبل. نظام التصفح والمسمى نيت فرونت NetFront يعتبر الأقل إنتشارا ومعرفة على مستوى العالم في ما عدا في البعض من دول شرق آسيا لكونه لديه المرونة في التعامل مع لغات تلك الدول.
وتعتبر شركة سوني أركسون من أكثر الشركات المصنعة للهواتف النقالة إستخداما لهذا النظام وخاصة على أجهزتها الرخيصة والتي تلاقي إقبالا عاليا في دول شرق أسيا وهنا لا بد من الإشارة إلى أن سوني أركسون تستخدم نظام أوبرا Opera لتصفح الويب على معظم أجهزتها للهواتف النقالة ذات الكلفة الأعلى.
أن التقدم الهائل الذي حصل لتقنية الهواتف النقالة خلال العقد الأخير بحيث أنها أصبحت تؤدي خدمات عديدة ناهيك عن خدمة الاتصال وهي الأساس الذي أخترعت من أجله جعلها وبمساعدة تقدم تقنية الويب تستعمل لأغراض أخرى عديدة حتى أنه أصبح بمقدورنا قراءة صفحات الجريدة على الهاتف النقال. ياترى ما الذي يخبؤه المستقبل لنا من تطورات جديدة فهل سيكون بإمكاننا الاستغناء عن اجهزة الكمبيوتر المحمولة أو حتى المكتبية منها لصالح أجهزة الهاتف المحمولة؟ أعتقد أن ذلك سيكون ممكنا وخاصة إذا أمكن الجمع بين خواص جهاز الكمبيوتر المحمول وما يوفره الهاتف النقال ولكن يجب معالجة أمور عدة منها محدودية حجم الشاشة في الهواتف النقالة وبالتالي الحاجة إلى التكبير. وعلى الشركات المهتمة بالاتصالات أن تعمل على تقوية سرعة الاتصال وأن يعتمد عليها في الدخول على الويب.