موقع طرطوس

دراسة: حالة متصلة بالتدهور المعرفي تصيب إمرأة من كل 10 نساء.. ما هي؟

تترافق متلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS)، أو متلازمة تكيس المبايض، بأعراض مثل غياب الدورة الشهرية، أو زيادة شعر الجسم. وقد كشف بحث جديد نُشر في مجلة علم الأعصاب الأربعاء، عن تأثير محتمل آخر يتّصل بالخلل المعرفي في وقت لاحق من الحياة.

وقالت الدكتورة بولين ماكي، الأستاذة ومديرة برنامج أبحاث الصحة العقلية للمرأة في جامعة إلينوي بمدينة شيكاغو الأمريكية، غير المشاركة في البحث لـCNN، إن التقرير العلمي هذا “يُعتبر من الدراسات القليلة التي تبحث في الأداء المعرفي ونتائج الدماغ لدى هؤلاء النساء في منتصف العمر”.

وترتبط أعراض متلازمة تكيّس المبايض بعدم التوازن الهرموني لدى النساء. وقد تشمل العلامات المنذرة “تغيرات الدورة الشهرية، وأخرى تُصيب الجلد مثل زيادة شعر الوجه، والجسم، وحب الشباب، ونمو غير طبيعي في المبيضين، والعقم”، وذلك بحسب ما ذكره معهد يونيس كينيدي شرايفر الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية.

ووفقًا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية، تؤثّر هذه الحالة المزمنة على ما بين 8 و13% من النساء والفتيات بسنّ الإنجاب في جميع أنحاء العالم، لكن نحو 70% قد يعانين من متلازمة تكيّس المبايض من دون تشخيصها.

وشملت الدراسة الجديدة 907 مشاركات تتراوح أعمارهنّ بين 18 و30 عامًا في بداية الدراسة، وتمّت متابعتهنّ لمدة 30 عامًا. وأكمل المشاركون في الدراسة اختبارات الذاكرة، والقدرات اللفظية، والانتباه، وسرعة المعالجة.

سجلت 66 امرأة مصابة بمتلازمة تكيّس المبايض في اختبار الانتباه، تراجعًا بنسبة 11٪ كمعدل وسطي مقارنة بالمشاركين الذين لا يعانون من هذه الحالة. كما سجلت من يعانين من هذه الحالة درجات أدنى في قياسات الذاكرة والقدرات اللفظية.

وأفادت الدكتورة هيثر هادلستون، المؤلفة الأولى للدراسة، ومديرة عيادة تكيّس المبايض وبرنامج الأبحاث التابع لجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو في بيان صحفي، أنّه “في حين تم ربط متلازمة تكيس المبايض بالأمراض الأيضية مثل السمنة المفرطة والسكري التي قد تؤدي إلى مشاكل في القلب، إلا أن ما هو معلوم حول كيفية تأثير هذه الحالة على صحة الدماغ ما زال قليلًا”.

وتابعت أنّ”النتائج التي توصلنا إليها تشير إلى أنّ النساء اللواتي يعانين من هذه الحالة لديهنّ ذاكرة ومهارات تفكير أقل، وتغيّرات طفيفة بالدماغ في منتصف العمر. وهذا قد يؤثّر في مستويات عدة على الشخص، ضمنًا نوعية الحياة، والنجاح الوظيفي، والأمن المالي”.

ووجد الباحثون أيضًا، من خلال فحوصات الدماغ، أنه بالمقارنة مع من يعانين من متلازمة تكيّس المبايض، تبيّن أنّ 25 إمرأة مصابة بهذه الحالة، كانت المادة البيضاء لديهنّ حالتها سيئة، وهذا الأمر قد يؤشر إلى شيخوخة الدماغ. تتكوّن المادة البيضاء من ألياف عصبية مجمّعة، وتساعد على تنسيق الاتصال بين مناطق مختلفة من الدماغ.

وأشارت ماكي إلى أنّ النتائج تسلّط الضوء على “نقاط الضعف المعرفية المحتملة لدى النساء المصابات بمتلازمة تكيّس المبايض، رغم أنه من المهم معرفة أن هذه نقاط ضعف معرفية وليست ضعفا. أي بعبارة أخرى، أداؤهنّ أسوأ من النساء الأخريات في هذه الاختبارات، لكنّه لا يقع ضمن النطاق الضعيف”.

مبكر لكن مثير للقلق

وقال الخبراء إنّ ثمة العديد من القيود التي تشوب الدراسة، ما يعني أنه ينبغي تفسير نتائجها بعناية.

أولًا، أظهرت الدراسة وجود علاقة بين متلازمة تكيس المبايض والتدهور المعرفي، لكنها لم تثبت أن الحالة تسبب التدهور المعرفي، على حد قول المؤلفين.
ثانيًا، ما يشكل تشخيص متلازمة تكيس المبايض لم يكن رأي الطبيب، بل مستويات الأندروجين وذكريات المشاركين عن أعراضهن. تُعد مستويات الأندروجين المرتفعة إحدى السمات المميزة التي يبحث عنها أطباء متلازمة تكيس المبايض أثناء عملية التشخيص.

وقالت ماتيا بيروفيتش، طالبة الدكتوراه بقسم علم النفس في جامعة تورنتو بكندا لـCNN: “في الأساس، ما يمكن أن نراه هنا هو ما يحدث عندما تُترك متلازمة تكيس المبايض من دون علاج. لذا من الضروري أن ينتبه المهتمون بإدارة أعراض متلازمة تكيّس المبايض، لأنهم بذلك يفعلون الكثير بالفعل لحماية صحة دماغهم في المستقبل”.

أثارت معايير التشخيص التي وضعها المؤلفون مخاوف طبيبة الغدد الصمّاء الدكتورة ويبكي أرلت، غير المشاركة في الدراسة. ورأت أنه قد تمّ تشخيص متلازمة تكيّس المبايض وفقًا لمعايير غير عادية.

وقالت أرلت، رئيسة معهد العلوم السريرية في إمبريال كوليدج لندن، لـCNN إن “نسبة الأندروجينات أعلى من المئوي الخامس والسبعين من النطاق المرجعي”، مضيفة أن “عادةً ما يكون هذا أعلى من المئوي الخامس والتسعين من النطاق المرجعي”.

ولفتت هادلستون إلى أنه نظرًا لهذه القيود، ثمة حاجة إلى مزيد من البحث لتأكيد النتائج وتحديد كيفية حدوث هذه التغييرات “ضمنًا النظر في التغييرات التي يمكن أن يقوم بها الناس لتقليل فرصهم بالتفكير ومشاكل الذاكرة”.

لكن في الوقت الحالي، لدى بعض الخبراء أفكار أولية بالحد الأدنى، حول العمليات المحتملة وراء الارتباط بين متلازمة تكيّس المبايض والتدهور المعرفي.

ومع ذلك، قالت الدكتورة كاثرين شريف، أستاذة الطب في جامعة توماس جيفرسون بمدينة فيلادلفيا الأمريكية، غير المشاركة في الدراسة، لـCNN، إنّ “الآلية الكامنة وراء تسارع الشيخوخة المعرفية تتمثل بالاضطرابات الأيضية، ومقاومة الإنسولين، والالتهابات، وضعف تحمل الغلوكوز، ولا تؤثر فقط على الأوعية الدموية والقلب، بل على كل عضو ضمنًا الدماغ”.
وأشار الدكتور ريكاردو عزيز، أستاذ أمراض النساء والتوليد في جامعة ألاباما ببرمنغهام، غير المشارك في البحث، إلى أنّ علم الوراثة قد يلعب أيضًا دورًا في الروابط بين متلازمة تكيّس المبايض والتدهور المعرفي.

إدارة متلازمة تكيّس المبايض وصحة الدماغ

لا يوجد حاليًا علاج لمتلازمة تكيّس المبايض، لكن هناك علاجات وتغييرات في نمط الحياة قد تساعد على إدارة الأعراض.

وأوضحت ماكي: “جميعنا يرغب بالتمتّع بدماغ سليم حتى أواخر حياته يؤهله كي يكون مقاومًا لأمراض الشيخوخة مثل مرض الزهايمر. لذا، بالنسبة للنساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض، (يجب عليهن) الحفاظ على صحة دماغهن من خلال التحكّم بمرض السكري، وممارسة التمارين الرياضية الجيدة، والتحكم بضغط الدم، والحفاظ على مستويات الكوليسترول بالدم ضمن النطاق الصحي، وربما ستؤكد الأبحاث المستقبلية هذه النتائج، والحفاظ على مستويات الاندروجين ضمن المعدّل الطبيعي، مع تقدّمهنّ في السن”.

وأشارت شريف إلى أنه “يتم وصف حبوب منع الحمل لغالبية الفتيات والنساء، ويُطلب منهن إنقاص الوزن، لكن علاج الاضطرابات الأيضية القوي يُعد أفضل طريقة لإدارة متلازمة تكيس المبايض ومنع التدهور المعرفي”.

وأضافت أن العلاجات المهمة الأخرى تشمل تحسين نوعية النوم وقوة العضلات، والتحدث مع طبيبك حول أي أدوية أو مكملات قد تكون مفيدة.

Exit mobile version